خسوف قمريّ واحتجاب نجميّ مساء الأربعاء 15 حزيران/يونيو 2011
الأستاذ مروان الشويكي
عضو المشروع الإسلامي لرصد الأهلة ( مارا / ICOP )
عضو الجمعية الفلكية الأردنية
ستشهد المنطقة العربية بإذن الله خسوفا كليا خاصا للقمر مساء يوم الأربعاء 2011/6/15، حيث سيحدث الخسوف عندما يكون القمر قريبا جدا من عقدة مداره حول الأرض. ففي الوقت الذي يقترب فيه القمر البدر إلى حدود قريبة جدا من عقدة الصعود في مداره حول الأرض، يوافق أن يكون خلف الأرض وعلى الجهة الأخرى من الشمس حيث يجد نفسه يواجه أسر الظل العظيم للأرض، هذا الظل الذي سيحتجز لديه قمرنا المسكين في ظلمة دامسة لفترة تقارب 100 دقيقة وذلك من الساعة 19:22 إلى 21:02 بالتوقيت العالمي. وخلافا لكثير من الخسوفات القمرية الكلية التي يبدو فيها القمر عند ذروته بلون بني قاتم، فإن القمر في هذا الخسوف ربما يختفي عن العين تماما خصوصا إذا كنا نرصده من المدن حيث التلوث الضوئي مرتفع والسماء أقل ظلمة. وهنا نتمنى من هواة الفلك في الوطن العربي رصد القمر من مواقع مختلفة للإفادة ما إذا كان القمر مظلما تماما أو ظاهرا حتى بعيدا عن إنارة المدن.
خسوف القمر هو ظاهرة طبيعية تحدث عندما يدخل القمر البدر في ظل الأرض الذي تصنعه الشمس في الاتجاه المقابل للكوكب. فمن المعروف أن القمر يدور حول الأرض مرة كل شهر في مدار يميل بزاوية تقدر بحوالي خمس درجات على مستوى مدار الأرض حول الشمس أو ما يسمى بالدائرة الكسوفية حيث تحدث ظاهرتا الكسوف والخسوف. ولأن مدار القمر يميل بتلك الزاوية البالغة 5 درجات، فهو في كل شهر يقضي نصف دورته فوق مستوى مدار الأرض بينما يقضي النصف الآخر من الدورة تحت مستوى المدار. والنقطتان اللتان يتقاطع فيهما مدار القمر مع مدار الأرض تسميان العقدتان. الأولى وهي عقدة يكون القمر هابطا من أعلى المدار إلى أسفله وتسمى عقدة الهبوط. وتقابلها طبعا العقدة الثانية والتي يكون فيها القمر صاعدا من أسفل مستوى مدار الأرض إلى أعلاه وهكذا تسمى عقدة الصعود. ويرجى ألا يظن البعض أن عقدتي الهبوط والصعود تقعان عند موقعي المحاق والبدرمن المدار بل هما تتنقلان في كل أجزاء المدار عبر العام الواحد مع دوران الأرض حول الشمس.
في الوقت الذي قد يكون فيه الخسوف جزئيا أي لا يختفي كامل قرص القمر في ظل الأرض، فإن الخسوفات الكلية للقمر قد تختلف في مدتها. وهذا الخسوف الكلي سيستغرق مدة 100 دقيقة تقريبا ويعتبر هذا خسوفا طويلا وبالتالي مميزا. ومع ذلك فإن خسوف القمر الذي حدث في منتصف عام 2000 كان أطول من الخسوف المرتقب هذا حيث بلغت مدته 107 دقائق. وبالحسابات الفلكية فقد تمكن الفلكيون من معرفة أطول خسوف ممكن وهو يقدر بحوالي 110 دقائق.
طالما أن مدار القمر يميل بزاوية قدرها 5 درجات تقريبا بالنسبة لمدار الأرض وبما إن قطر القمر في السماء لا يتجاوز نصف درجة فقط أي عُشر زاوية الميل تلك، وطالما أن الكسوف والخسوف لا يحدثان إلا إذا كان القمر محاقا أو بدراً ويقع قرب إحدى العقدتين، فهذا يقودنا إلى حقيقة أن الظاهرتين لا تحدثان في كل شهر بل تحدث مرة أو مرتين كل ستة أشهر حيث يكون كل من الشمس والأرض والقمر على استقامة واحدة تقريبا.
بما أن مدة اختفاء القمر وراء ظل الأرض هي فترة الخسوف فإن طول هذه الفترة يعتمد على ما إذا كان القمر سيدخل الظل من مركزه أم من حدوده الجانبية العلوية أو السفلية؟ فإذا دخل من تلك الحدود فلا يلبث أن يدخل الظل حتى يبدأ بالخروج بسرعة وإذا كان دخوله من المركز أو قريبا من المركز فسيبقى مدة أطول حتى يقطع كامل قطر الظل الأرضي الذي يكون عادة 2.5 مرة أكبر من القطر الظاهري للقمر عند مسافة تساوي بعد القمر. وهذا بالطبع غير ثابت إذ تحكمه العديد من المتغيرات أيضا مثل بعد القمر عن الأرض* وسرعة حركته بالنسبة للأرض وسرعة دوران الأرض حول الشمس.
* مدار القمر حول الأرض ليس بمدار دائري مثالي بل هو مدار بيضاويّ بحيث يزيد قطره الأكبر عن قطره الأصغر بمقدار الثُمن. وهذا يجعل الحجم الظاهري للقمر في السماء مختلفا يوما بعد يوم أو بدرا بعد بدر. وكنتيجة لذلك فإن حجم القمر الظاهري في السماء لا يكون متساويا عند كل كسوف أو خسوف.
احتجاب لنجم 51 الحواء قبيل الخسوف
وميزة أخرى لهذا الخسوف وهي أن القمر سيقوم بحجب نجم خافت اللمعان قبيل عملية الخسوف. إذن لنتعرف قليلا على ظاهرة الاحتجابات؟
من المعروف أن القمر أثناء حركته بين النجوم يقوم بحجب العديد من الأجرام السماوية مثل النجوم والكواكب وكذلك الشمس (الكسوف). وهذا يحدث عادة في كل يوم ولكن غالبا ما يكون الاحتجاب لنجوم خافتة فلا يلتفت إليها أحد. في حين يحجب القمر في بعض الأحيان نجوما لامعة أو حتى كواكب مما يجعل الأمر مهما للهواة وحتى الفلكيين وربما العامة من الناس. وخصوصية خسوفنا القادم تكمن أيضا في أنه قبيل الخسوف بقليل سيقف في مسار القمر نجم أقل من متوسط في لمعانه (القدر 4.5) وسوف يحتجب وراء قرص بالنسبة للراصدين من الكثير من البلاد العربية بينما سيقع ذلك الحدث نهارا لبعضها مما يجعله قليل الأهمية.
وفي الوقت الذي لن يحدث الاحتجاب بالنسبة لهواة الفلك في الخرطوم وما يقع جنوبها فسيكون الأمر مختلفا لشمالها. حيث سيتمكن الهواة المتواجدون على بعد حوالي 50 كم من شمال الخرطوم من مراقبة القمر وهو يحجب النجم 51 الحواء حجبا خاصا جدا ويسمى الاحتجاب المماسي، أي سيظهر النجم يسير خلف حافة القمر الجنوبية. وفي مكان محدد بدقة هناك سيظهر النجم الذي يسير خلف الحافة وكأنه يلمع ويخفت ويظهر ويختفي وذلك لعبور أشعته عبر الوديان والتلال والحفر القمرية عند الحافة ولهذا سمي بالاحتجاب المماسي. وفي ما يلي مواعيد بداية ونهاية احتجاب نجم (51 الحواء) لبعض العواصم العربية بالتوقيت المحلي ويرجى مراعاة التوقيت الصيفي فيها:
مسقط: 21:25 – 22:50
أبوظبي: 20:49 – 22:10
الدوحة: 20:45 – 22:04
الرياض: 20:10 – 21:24
بغداد: 20:13 – 21:26
صنعاء: 20:14 – 21:05
عمّان: 19:05- 20:12
القاهرة: 20:02 – 21:05
الجزائر: 18:10 – 18:54
الرباط: 17:23 – 17:41
50 كم شمال الخرطوم احتجاب مماسي (هام) الخرطوم