العالم يشهد كسوفا نادرا للشمس يوم الأحد 03 نوفمبر
يشاهد ككسوف جزئي من الوطن العربي
يشاهد ككسوف جزئي من الوطن العربي
المهندس محمد شوكت عودة
رئيس المشروع الإسلامي لرصد الأهلة
سيشهد العالم بمشيئة الله يوم الأحد 03 تشرين ثاني/نوفمبر كسوفا شمسيا نادرا يسمى كسوفا خليطا. ومن منطقتنا العربية سنشاهد هذا الكسوف ككسوف جزئي، وستغرب الشمس مكسوفة في الأجزاء الشرقية من العالم العربي مثل دول الخليج والعراق ومعظم بلاد الشام، في حين أنه سيبدأ وينتهي قبل غروب الشمس في الدول العربية الأخرى.
والكسوف عبارة عن ظاهرة فلكية تحدث عندما يقع القمر بين الشمس والأرض، فعندها تختفي الشمس خلف القمر إما كليا أو جزئيا. وحيث أن هذا الكسوف خليطا فهذا يعني أن هناك مناطق ستشاهده ككسوف كلي وأخرى ككسوف حلقي وأخرى ككسوف جزئي وأخرى لن ترى شيئا! هذا وقد كان آخر كسوف خليط قد شهدته الأرض يوم 08 نيسان/إبريل 2005م، وسيكون القادم بمشيئة الله يوم 20 نيسان/إبريل 2023م
والمناطق التي ستشاهد الكسوف ككسوف حلقي أو كلي هذه المرة تقع في شريط ضيق يبلغ عرضه بضعة كيلومترات يبدأ من شمال المحيط الأطلسي مرورا بوسط أفريقيا وانتهاء عند الحدود الصومالية الغربية. وسيبدأ الكسوف حلقيا وسيبقى كذلك لمدة 15 ثانية ثم ما يلبث أن يتحول سريعا إلى كسوف كلي ليكمل مسيره على الأرض ككسوف كلي، ومن الدول التي سيقطعها الكسوف الكلي هي الغابون والكونغو وأوغندا وكينيا وأثيوبيا والصومال. وستكون أطول مدة للكسوف الكلي في هذا الكسوف في منطقة في المحيط الأطلسي تقع على بعد 330 كم جنوب غرب ليبيريا، حيث ستكون مدة الكسوف الكلي هناك دقيقة واحدة و39 ثانية.
أما المناطق التي ستشاهده ككسوف جزئي فهي شمال شرق أمريكا الجنوبية والمحيط الأطلسي وقارة أفريقيا وجنوب أوروبا وغرب آسيا.
ويرى القمر بحجم الشمس على الرغم من أنه أصغر منها بـ 400 مرة لأنه أقرب من الشمس بـ 400 مرة، ولو كان قطره أقل بـ 225 كم لما أمكننا رؤية أي كسوف كلي، ولو كان بعده نصف المسافة الحالية لأصبح الكسوف شهريا، ويقدر بأن شخصا من كل 25 ألف شخص تسنح له الفرصة لرؤية كسوف كلي! ويبلغ معدل تكرار الكسوف الكلي فوق نفس المنطقة كل 360-400 سنة! ولرؤية الكسوف لا بد من توفر شرطين: الأول هو وجود الشمس فوق الأفق وقت الكسوف، والثاني هو أن يكون موقعنا على الأرض مناسبا لرؤية الكسوف فقد تكون الشمس مشرقة على منطقة وهي مكسوفة وتكون في نفس اللحظة مشرقة فوق منطقة أخرى إلا أنها غير مكسوفة على الإطلاق! وهذا يتضمن أن مواعيد بداية ونهاية الكسوف ونسبة ما يكسف من الشمس لنفس الكسوف تختلف من منطقة لأخرى. ويقسم الكسوف إلى أربعة أنواع:-
1- الكسوف الكلي: وعندها يحجب القمر جميع قرص الشمس وهو يمثل 28% من الكسوفات، وفي هذه الحالة تشهد بعض المناطق كسوفا كليا وأخرى جزئيا، ومناطق أخرى لن تشهد الكسوف.
2- الكسوف الجزئي: وعندها يحجب القمر جزءا من قرص الشمس وهو يمثل ما نسبته 35% من الكسوفات. وفي هذه الحالة تشهد جميع المناطق -التي ستشهد الكسوف- كسوفا جزئيا، ومناطق أخرى لن تشهد الكسوف.
3- الكسوف الحلقي: حيث أن بعد القمر عن الأرض غير ثابت وبعد الأرض عن الشمس غير ثابت فإن قطر القمر يكون أحيانا أصغر من قطر الشمس، فإذا ما وقع القمر بين الأرض والشمس وقتئذ فإن الشمس ستبدو على شكل حلقة مضيئة محيطة بالقمر الأسود، وتمثل الكسوفات الحلقية ما نسبته 32% من الكسوفات. وفي هذه الحالة تشهد بعض المناطق كسوفا حلقيا وأخرى جزئيا، ومناطق أخرى لن تشهد الكسوف.
4- الكسوف الخليط: ويمثل ما نسبته 5% من الكسوفات، وفي هذه الحالة تشهد بعض المناطق كسوفا كليا وأخرى حلقيا وأخرى جزئيا، ومناطق أخرى لن تشهد الكسوف. وسمي خليطا لأنه يشاهد كليا في مناطق ويشاهد حلقيا في مناطق أخرى في نفس الكسوف.
هذا ونحذر تحذيرا شديدا من النظر نحو الشمس وقت الكسوف، فذلك قد يؤدي إلى تلف في العين قد يصل إلى درجة العمى الدائم، وهذا التحذير ساري المفعول وقت الكسوف وغيره، فلا توجد أشعة خاصة وقت الكسوف، إلا أن الكسوف سيكون دافعا قويا للنظر مباشرة نحو الشمس مما يؤدي إلى إصابة العين بأضرار متفاوتة. وأن تشعر أن أشعة الشمس غير مؤذية وبإمكانك النظر إليها هو شعور خاطئ، فعدسة العين تعمل كعمل مكبر صغير، فعندما تنظر إلى الشمس فإن أشعتها ستتركز على الشبكية، وبالتالي قد تحرقها وهذا مشابه تماماً لما يحدث عندما توجه المكبر على ورقة لتحرقها بأشعة الشمس، إلا أن الفرق الوحيد هي أن العين هي التي تحترق الآن! والخطر الأكبر يكمن في أن الشبكية لا تمتلك مستقبلات للألم، فالراصد لا يشعر بالكارثة إلا بعد ساعات من ذلك.
ويعيد الكلام نفسه عند استخدام بعض المرشحات التي ساد الاعتقاد بأنها آمنة، فكون أشعة الشمس غير مؤذية عبر المرشح فهذا لا يعني أنه يمكنك النظر بأمان إلى الشمس فهناك الأشعة تحت الحمراء وفوق البنفسجية، فالمرشح يجب أن يحتوي على طبقة من الألمنيوم أو الكروم أو الفضة لمنع الأشعة تحت الحمراء من الوصول لعينيك. ومن المرشحات غير الآمنة أيضا صور الأشعة الطبية المستخدمة والزجاج المدخن والنظارات الشمسية وأقراص الكمبيوتر وبعض أقراص الليزر.
من الطرق الآمنة لرصد الكسوف بالعين المجردة هي استخدام النظارات الشمسية الخاصة لرصد الكسوف وفي العادة توفر الجمعيات الفلكية عددا منها للمهتمين، أو استخدام زجاج اللحامين المستخدم في أعمال تلحيم الحديد ذي الرقم 12 أو 14 فقط.
هذا ولقد درجت العادة عند بعض الفلكيين أن يبينوا موعد حدوث الاقتران (تولد الهلال) كموعد ثابت لا يتغير من منطقة لأخرى، وهذا غير دقيق، فموعد اقتران القمر (تولد الهلال) يختلف من منطقة لأخرى، والموعد الثابت الذي يبينه الفلكيون في العادة يسمى الاقتران المركزي، أي موعد الاقتران بالنسبة لمركز الأرض، ولكننا نحن الناس نعيش على سطح كوكب الأرض وليس في مركزه، وما يهمنا ويعنينا هو موعد الاقتران بالنسبة لنا وليس بالنسبة لمركز الأرض! ولكل منطقة على سطح الأرض موعد معين للاقتران يسمى الاقتران السطحي، ويصل أكبر فارق بين الاقتران المركزي والسطحي إلى ساعتين. ولقد بينا في غير مرة أهمية أن يعتمد الفلكيون ومعدو التقاويم موعد الاقتران السطحي وليس المركزي. لأن اعتماد موعد الاقتران المركزي لحساب بداية الشهر الهجري بالنسبة لمنطقة معينة غير صحيح! فعلى سبيل المثال يبدأ تقويم أم القرى إذا حدث الاقتران قبل غروب الشمس بالنسبة لمكة المكرمة وإذا غابت الشمس بعد غروب الشمس في مكة المكرمة، إلا أن موعد الاقتران المعتمد هو الاقتران المركزي! فقد يبدأ الشهر في تقويم أم القرى لأن الاقتران المركزي قد حدث قبل غروب الشمس، ولكن في الواقع قد يحدث الاقتران السطحي (وهو الحقيقي) بعد غروب الشمس. وإضافة إلى ذلك فإن اعتماد موعد الاقتران المركزي قد يكون مربكا للناس أحيانا بل وحتى يوقع الناس في شك تجاه الفلكيين! فالفلكيون ما فتئوا يؤكدون أن كسوف الشمس هو اقتران مرئي، وهو شاهد يراه الناس يؤكد دقة الحسابات الفلكية! ولكن فلنلقي نظرة على الوضع في اقتران شهر محرم القادم:-
سيحدث اقتران القمر (تولد الهلال) يوم الأحد في الساعة الثالثة عصرا و50 دقيقة بتوقيت مكة المكرمة، وفي نفس ذلك اليوم سيشاهد سكان مكة المكرمة كسوفا جزئيا للشمس! والأصل أن يكون موعد ذروة الكسوف (منتصف الكسوف) هو موعد اقتران القمر! وإلا دل ذلك على خطأ الحسابات الفلكية! ولكن بالعودة إلى الحسابات الفلكية نجد أن كسوف الشمس في مكة المكرمة سيبدأ بمشيئة الله في الساعة الرابعة عصرا و14 دقيقة، وستكون الذروة في الساعة الخامسة عصرا و15 دقيقة، وستغيب الشمس مكسوفة في الساعة الخامسة و42 دقيقة. فلنلاحظ أن كسوف الشمس قد بدأ بعد موعد اقتران القمر بـ 24 دقيقة، وأن موعد الذروة بعد 85 دقيقة من موعد الاقتران! إذا هناك خلل في الحسابات الفلكية لا ريب! في الحقيقة لا يوجد أي خلل أو خطأ، إنما غاية من هنالك أن موعد الاقتران المبين سابقا هو موعد الاقتران المركزي وليس السطحي! وإذا حسبنا موعد الاقتران السطحي (تولد الهلال السطحي) لمدينة مكة المكرمة سنجد أن موعد الاقتران هو في الساعة الخامسة عصرا و09 دقائق! وهو مقارب جدا لموعد ذروة الكسوف، وهناك سبب علمي لوجود الفارق بينهما والبالغ 06 دقائق، إلا أن المجال لا يسمح الآن لهذا الشرح. وخلاصة ذلك أننا نرى من الضروري أن يعتمد معدو التقاويم على الاقتران السطحي وليس المركزي، وهذا الكسوف خير دليل على ذلك.
وفيما يلي مواعيد بداية الكسوف ونهايته وموعد الذروة ونسبة ما سيكسف من الشمس بالنسبة للعواصم العربية بالتوقيت العالمي.
والصورة التالية تبين كسوف الشمس كما سيبدو من بعض العواصم العربية، وبالنسبة للعواصم التي ستغيب فيها الشمس قبل ذروة الكسوف، فإن الرسم يبين وضع الكسوف وقت غروب الشمس، وهذا ينطبق على أبوظبي والرياض.